الأربعاء، 23 مايو 2012

منهج الدعوة>>

منهج دعوة الاصلاح
إن من مرتكزات المنهج الفكري لـ»دعوة الإصلاح«، التي يحسن عرضها في هذا الموضع هو (منهج الدعوة في الإصلاح) الذي يستند على قيم أصيلة سامية تقوم على:
منهج الاعتدال :
تأخذ »دعوة الإصلاح« روح الاعتدال نهجاً لها مسترشدة بقول الله تبارك وتعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [سورة النحل: 125].
ترى أن الإصلاح الأمثل يكون بالتدرج في كافة الجوانب، وهو إصلاحٌ مَبني على رؤى واستراتيجيات تعتمد الحوار والأساليب المدنية للتعبير عن الرأي واعتماد العمل المؤسسي مع الحفاظ على القيم والثوابت الوطنية العربية والإسلامية.
إن »دعوة الإصلاح« ليست حزباً سياسياّ بالمفهوم السياسي المعاصر، الهادف إلى الدفع في سبيل تحقيق أغراض سياسية ضيقة محدودة، كالوصول إلى السلطة مثلاً، كلاّ، ولكنها دعوة إصلاحية شاملة كما سبق بيانه، تريد الخير للشعب كله، وتسعى إلى تحقيق الأصلح للأمة بما ذكر من رؤية وسطية متوازنة، مع إقرار ومسالمة لما توافق عليه الشعب الإماراتي وتراضى مع حكامه وقياداته.
دعوة الإصلاح ترفض وتتبرأ من أي أسلوب من أساليب التطرف أو إثارة الفتن، بل ترى ضرورة العمل بتناغم مع كل الجهود الداعية للحماية من الفكر المتطرف أياًّ كان نوع هذا التطرف، ومن أي جهة كانت.
كما إن منهج الدعوة الإصلاحي والتوجيهي، لا يجيز لها الطعن والتجريح أو التشهير بالأفراد أو الهيئات، فلـ«لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ اللَّعَّانِ وَلاَ الْفَاحِشِ وَلاَ الْبَذِيء» كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ولكنها تظهر مواقفَها وتعلنها حول القضايا المطروحة القابلة للنقاش والحوار، بكل موضوعية وأدب في الحوار.
 منهج الاجتهاد والتجديد:
لذلك فإن »دعوة الإصلاح« في الإمارات تُعَدُّ جزءاً أصيلاً ومكوناً هاماً من مكونات المنظومة الإماراتية، تساهم بروح إيجابية مع التيارات الفكرية والثقافية الأخرى، بل وتتفاعل مع بقية الأطراف التي تتشابك فيما بينها في كثير من المصالح من أجل تحقيق سنن الله تعالى في التطور والعمران، وذلك بصورة تعددية متوازنة مع بقية العوامل الفاعلة، وهي في الوقت نفسه تهدف إلى الحياة الآمنة للمجتمع والدولة والأمة، ولا تحتكر لنفسها الحق والصواب، بل تعمل ضمن روح التعددية واحترام الآراء الأخرى.
يلزم للاجتهاد الدعوي الإحاطة بفقه الواقع؛ ذلك أن الأحكام الاجتهادية قد تكون صحيحة في أصلها، لكن يمكن أن يحدث خطأ عند تنزيلها على وقائع معينة، وهذا يتطلب الإحاطة الدقيقة بذلك الواقع، فالاجتهاد هنا يكون هاماً للدعوة، خاصة عند تعاملها مع قضايا إنكار المنكر في المجتمع، وكما هو معلوم عند جمهور الفقهاء أنه لا يجوز تغيير منكر بوسيلة يُعلَمُ مُسبقاً أنها ستؤدي إلى منكر أكبر من المنكر المراد تغييره.
منهج المشاركة والتعاون:
الإصلاح الحقيقي هو الذي يوازن بين ما يقوم به من واجب، وبين الحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي، فيقود المجتمع إلى الخير والمعروف، وهو كذلك الإصلاح الذاتي النابع من الداخل -وليس من الخارج-، المنطلقِ من ثوابت الأمة ومصالحها، وليس القائم على إبعاد الإسلام أو إضعاف واقعه في المجتمع.
وإن الحوار الهادف والجدال بالتي هي أحسن، والمحاولات التي تقوم على الإقناع والإرادة الحرة هي الوسائل الأقرب والأرقى للتعامل عند اختلاف وجهات النظر بين أبناء الوطن الواحد، فهي تعمل على بناء جسور التقارب والتواصل بينهم، وإن من شأن الحوار الإيجابي أن يؤكد على »المشترك« وأن يَحدَّ ويُضَيِّق مساحات الاختلاف، ولقد أثبتت الأيام فشل سياسات الإقصاء أو التهميش لأن الوطن يبقى للجميع، فينبغي أن يعتمد فيه على قاعدة: (نتعاون فيما نتفق عليه، ونتحاور بالحسنى فيما نختلف فيه).
تقوم »دعوة الإصلاح« بدورها الرائد في إصلاح الأفراد والمجتمع والقيام بدورٍ إيجابي عن طريق المشاركة في هموم الوطن وقضاياه، كما أنها تربي أفرادها على روح التفاعل والتعاون مع الجميع، فليس من منهجها الانعزال عن مجتمعها، فذلك مذموم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَلاَ يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ».
منهج التربية والتزكية
»دعوة الإصلاح« دعوة تربوية، جعلت أساسَها تربيةَ الفرد المسلم على الالتزام بقيم الإسلام، ليرقى عقلُهُ، ويتسع فكرُه، وتسلمَ من الانحرافِ عقيدتُه، وتصحَّ عبادتُه، وتزكو نفسُه، وتتسامى روحُه، وتستقيمَ أخلاقه، ويصفو عنصرُه؛ وبالتالي يكون إنساناً صالحاً، فيخدم دينه، وأمته، وينتشر فضله في العوالم كلها، ويكون مواطناً صالحاً، ينتمي لوطنه انتماء حبٍّ وولاء، وتضحيةٍ وبذلٍ وعطاء.
كما أن المناهج التربوية لـ»دعوة الإصلاح« مبنية على كتب -مُتَّفَقٌ على سلامةِ منهجها من الناحية الشرعية-، وأنشطةٍ ووسائلَ تتفقُّ وتعاليم القرآن الكريم، والسُّنَّة النبوية الصحيحة، وفق معتقد أهل السنة والجماعة.
ويتمحور منهجُ التربية عند دعوة الإصلاح على عقيدة الولاء لله تعالى ولمنهجه القويم، وغرس حب الاقتداء بالنبي والتأسي به صلى الله عليه وسلم، وتطبيق سنته ظاهراً وباطناً، قدر المستطاع كما يقوم منهجُها على غرسِ الاعتزاز بالانتماء للأمة العربية والإسلامية، وتعميق قيمةِ حُبِّ الوطن والانتماء إليه، الذي يُعَد من أساسات المناهج التربوية لدعوة الإصلاح.
 منهج الالتزام بالدعوة :
إن دعوة الإصلاح تحمل رسالة الأنبياء جميعاً وهي الدعوة إلى الله، وإن مجال عملها هو هذا المجتمع المسلم، فهي تدرك بالضرورة أنها تتعامل مع مُسْلِمين، لم ينفكوا قط عن تعاليم الإسلام وقِيَمه، فدورها هو استثمار جهودهم، واستنهاض همتهم لترميم ما انثلم من بناء الدين، والدعوة إلى إعادة تفعيل قيم الإسلام وأخلاقياته الحضارية العظيمة، وربط الأمة بربها وتعاليمه.
ولذا فإن الالتزام بمنهج دعوة الإصلاح لدى أفرادها ومنتسبيها، وثباتهم على مبادئ هذه الدعوة، يعتمد اعتماداً تاماً على قِيَمِ التقوى وخشية الله وحبه ومراقبته المستقرة في ضمير كل مسلم، كما تعتمد على إحساسهم بعظيم التبعة الملقاة على عواتقهم وهم يقومون بدورهم الإصلاحي في مجتمعهم، وأن هذا النشاط هو من أعظم العبادات والقربات إلى الله عزوجل.
فهذه المشاعر الإيمانية والدوافع المعنوية - المستقرة في القلوب، والتي هي في حقيقتها، ابتداءً وانتهاءً، عهدٌ لله تعالى، انعقدت عليه قلوب الدعاة - ألقت في النفس ظلالاً من العِظَم والقداسة، و أفرزت في الشعور رهبةً من المخالفة أو التنصل عن منهج الخير والدين، مما أدى إلى ما سبق الإشارةُ إليه، من حَفْزِ دعاةِ الإصلاح إلى زيادة الارتباط بالله تعالى وبمنهج الدعوة الإسلامي الإصلاحي الأخلاقي والتربوي الشامل، وتعميق الانتساب لهذا المنهج.
وبهذا تنأى هذه الدعوة وتتسامى من أن تتمحور حول فكر أشخاصٍ معينين تدور في فلكهم، أو دعواتٍ محددة تتأطر بها، وتنحشر فيها، بل هي في حقيقتها –كما سبق- عهد مع الله، وفاءً لمنهجه وسيراً على تعاليمه، تدور في فلك الحق أينما دار، وتسير معه أينما سار.
فحقيقة الالتزام بمبادئ »دعوة الإصلاح« لا يَحُدُّه عَهْدٌ يُقالُ باللسان، وإنما يدفع إليه حقائقُ إيمانيةٌ مستقرةٌ في القلوب، وقناعاتٌ فكريةٌ بأهمية مبادئها وصدق منهجها القائم على الكتاب الكريم والسنة المشرَّفةِ الصحيحة، وبدورِها الإصلاحي المبني على الاعتدال والحكمة، فتقبلها العقولُ وتؤمن بها القلوب وتتفاعل معها وتنفعل بها، وتنشط لها.
فأصبح الإلزام في »دعوة الإصلاح« هو إلزامٌ إيمانيٌّ خُلُقي، تعاهد القلوب فيه اللهَ تعالى لا الخلق ، وهي تقبل الناس بحسن الظن بهم، وجميل النظرة إليهم، وتَكِلُ الناسَ إلى ضمائرهم، بما فيها من وازع التقوى وحب الدين، والخوف من الله، وجميل مراقبته، وكفى بالله على الناس ولِياًّ وشَهِيداً ووَكِيلاً وحسيباً، وهو أعلم بالنيات.
منهج الوضوح:
إن »دعوة الإصلاح« كانت انجازاً من إنجازات الإمارات، حيث احتضنها المجتمع، ورعت الدولة إنشاء مؤسساتها وتضافرت جهود المخلصين لكثير من أنشطتها وفعالياتها العلنية؛ حيث سارت »دعوة الإصلاح« منذ نشأتها على الوضوح، وقد صرحت دائماً وفق الإمكانات المتاحة، عن غاياتها وأهدافها ومبادئها وبرامجها ومناهجها بكل وضوح، وهي لا تخرج عن تلك الأطر التي تدعو لها، والتي تم بسطها مراراً، كما تؤكدها هذه الصفات أيضاً، وإذا نظر المنصف إلى عمل دعاة الإصلاح ورموزه فإنه يرى عملهم الذي يدل على ذلك.
إن من الطبيعي قيام بعض الأفراد بالأنشطة الدعوية والخيرية والتربوية دون وجود عمل مؤسسي لها؛ لأن ذلك يدخل في إطار الخصوصية المقبولة عرفاً، وتمارسها كل الفئات الاجتماعية، وهي في نفس الوقت نابعة من تنوع نشاط الدعاة وإخلاصهم وحرصهم على الأجر والثواب من الله تعالى، وإيمانهم بوجوب ذلك شرعاً، وأن هذه الدعوة هي مسؤولية شرعية محاسبون عليها أمام الله، وإدراكهم ضرورةَ تبليغ الحق، حيث نصت الأدلة الشرعية على كل هذه المعاني فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): »بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً« وقال: «ليبلغ الشاهدُ منكم الغائب».
إضافة إلى أن هذا النشاط الدعوي هو أسلوبٌ من أساليب التواصل الاجتماعي الطبيعي، والفاعلية الوطنية، إضافة إلى أنه رسالة إنسانية وجزء من التكوين الطبيعي للنفس البشرية التي تحب الحراك الاجتماعي والتفاعل مع ما حولها، فالإنسان إن لم يتحرك بالحق تحرك بالباطل وعند استيعاب هذا الحراك وهذا النشاط في جمعية أو منتدى أو مؤسسة، فسيكون أثرُ هذه الأنشطة الإنسانية للدعاة، والمنضبطة في أطُرٍ مؤسسية، أكثرَ فاعلية ومردوداً اجتماعياً ووطنياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق